يعظمه ويجله، وكتب إليه كتابا من مصر أوله: إلى شيخنا الإمام العارف القدوة السالك. كان ذا ورع وإخلاص ومنابذة للاتحادية وذوي العقول والمبتدعة، وكان داعية إلى السنة، وكان يتقوت من النسخ، ولا يكتب إلا مقدار ما يدفع به الضرورة، وكان أبوه شيخ الطائفة الأحمدية، ونشأ بينهم، وتأثر بهم في تصوفهم إلى أن وفق له شيخ الإسلام ابن تيمية، فدله على مطالعة السيرة النبوية، وأقبل على مطالعة كتب الحديث والسنة والآثار، فتخلى عن جميع أحوالهم وطرائقهم وسلوكهم، واقتفى آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهديه. وكان محبا لأهل الحديث، معظما لهم، وأوقاته محفوظة. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي آخر نهار السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة إحدى عشر وسبعمائة بالمارستان الصغير بدمشق.
[موقفه من الصوفية:]
جاء في ذيل طبقات الحنابلة: وكان أبوه شيخ الطائفة الأحمدية، ونشأ الشيخ عماد الدين بينهم، وألهمه الله من صغره طلب الحق ومحبته، والنفور عن البدع وأهلها، فاجتمع بالفقهاء بواسط كالشيخ عز الدين الفاروتي وغيره. وقرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي.
ثم دخل بغداد، وصحب بها طوائف من الفقهاء، وحج واجتمع بمكة بجماعة منهم. وأقام بالقاهرة مدة ببعض خوانقها، وخالط طوائف الفقهاء، ولم يسكن قلبه إلى شيء من الطوائف المحدثة. واجتمع بالإسكندرية بالطائفة الشاذلية، فوجد عندهم ما يطلبه من لوايح المعرفة، والمحبة والسلوك، فأخذ ذلك عنهم، ... واقتفى طريقتهم وهديهم.