وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} طلب الإعانة عليها والتوفيق لها.
وقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} متضمن للأمرين على التفصيل، وإلهام القيام بهما، وسلوك طريق السالكين إلى الله تعالى، والله الموفق بمنه وكرمه، والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وآله وصحبه ووارثيه وحزبه. (١)
[موقفه من القدرية:]
قال رحمه الله: قضى عصر الصحابة رضي الله عنهم على هذا -أي على ما تركهم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحق الذي أنزل عليه- إلى أن حدث في زمنهم القول بالقدر وأن الأمر أنفة -أي أن الله تعالى لم يقدر على خلقه شيئا مما هم عليه-. وكان أول من قال بالقدر في الإسلام معبد بن خالد الجهني، وكان يجالس الحسن بن الحسين البصري، فتكلم في القدر بالبصرة، وسلك أهل البصرة مسلكه لما رأوا عمرو بن عبيد ينتحله، وأخذ معبد هذا الرأي عن رجل من الأساورة يقال له أبو يونس سنسويه ويعرف بالأسواري. فلما عظمت الفتنة به عذبه الحجاج وصلبه بأمر عبد الملك بن مروان سنة ثمانين؛ ولما بلغ عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مقالة معبد في القدر تبرأ من القدرية، واقتدى بمعبد في بدعته هذه جماعة، وأخذ السلف رحمهم الله في ذم القدرية وحذروا منهم كما هو معروف في كتب الحديث. وكان عطاء بن يسار قاضيا يرى القدر وكان يأتي هو ومعبد