للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت أحدا أشد تعظيما للعلم وأهله منه، وكان من أشد الناس تضييقا على نفسه في الورع، وأوسعه في ذلك على الناس، وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي. وبه انتشر مذهب الإمام الشافعي. وكان يغسل الموتى تعبدا واحتسابا، وهو القائل: تعانيت غسل الموتى ليرق قلبي فصار لي عادة، وهو الذي غسل الشافعي رحمه الله. توفي في رمضان لست بقين من سنة أربع وستين ومائتين. وله تسع وثمانون سنة.

[موقفه من المبتدعة:]

- قال شيخ الإسلام: وفي مختصر المزني لما ذكر أنه اختصره من مذهب الشافعي لمن أراد معرفة مذهبه قال: مع إعلامه نهيه عن تقليده وتقليد غيره من العلماء. (١)

- قال ابن عبد البر: وقد احتج جماعة من الفقهاء وأهل النظر على من أجاز التقليد بحجج نظرية عقلية بغير ما تقدم، فأحسن ما رأيت من ذلك قول المزني رحمه الله، وأنا أورده، قال: يقال لمن حكم بالتقليد: هل لك من حجة فيما حكمت به؟ فإن قال: 'نعم' أبطل التقليد لأن الحجة أوجبت ذلك عنده لا التقليد. وإن قال: 'حكمت فيه بغير حجة ' قيل له: فلم أرقت الدماء وأبحت الفروج وأتلفت الأموال وقد حرم الله ذلك إلا بحجة؟ قال الله عز وجل: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} (٢) أي من حجة بها. فإن قال: 'أنا


(١) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢١١).
(٢) يونس الآية (٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>