هذه المنحة الربانية التي خص الله تعالى بها أفراداً من هذه الأمة بأن جعلهم مجددين لأمر دينه في بريته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". (١)
وقد ادعى هذه الرتبة لنفسه كثير من المتعالمين، وناصرو البدعة وحاملو ألوية التعصب، ولم يدع هذه الرتبة أحد من العلماء الأجلاء، ولا فقيه من الفقهاء لنفسه؛ إذ لم تكن هذه الرتبة مطمحهم ولا غاية سعيهم، وإنما كان قصدهم الدعوة إلى الله وإلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
جاء في عون المعبود: "إن المراد من التجديد إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما وإماتة ما ظهر من البدع والمحدثات، قال في مجالس الأبرار: والمراد من تجديد الدين للأمة إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما، وقال فيه: ولا يعلم ذلك المجدد إلا بغلبة الظن ممن عاصره من العلماء بقرائن أحواله والانتفاع بعلمه، إذ المجدد للدين لا بد أن يكون عالماً بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة ناصراً للسنة، قامعاً للبدعة،
(١) أخرجه: أبو داود (٤/ ٢٨٠/٤٢٩١) واللفظ له، والحاكم (٤/ ٥٢٢). قال الشيخ الألباني: "وسكت عنه الحاكم والذهبي، أما المناوي فنقل عنه أنه صححه، فلعله سقط ذلك من النسخة المطبوعة من المستدرك، والسند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم" (السلسلة الصحيحة ٢/ ١٤٨).