مقويا في طلب الخبر الواحد، أو السنة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة ثم لم يزالوا في التنقير عن الأخبار والبحث لها، حتى فهموا صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي. فنبهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عافيا، وبسق بعد أن كان دارسا، واجتمع بعد أن كان متفرقا، وانقاد للسنن من كان عنها معرضا، وتنبه عليها من كان عنها غافلا، وحكم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن كان يحكم بقول فلان وفلان وإن كان فيه خلاف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد يعيبهم الطاعنون بحملهم الضعيف، وطلبهم الغرائب وفي الغريب الداء. ولم يحملوا الضعيف والغريب، لأنهم رأوهما حقا، بل جمعوا الغث والسمين، والصحيح والسقيم، ليميزوا بينهما، ويدلوا عليهما، وقد فعلوا ذلك. (١)
[موقفه من المشركين:]
- قال رحمه الله: ولم يأت أهل التكذيب بهذا وأشباهه، إلا لردهم الغائب عنهم، إلى الحاضر عندهم، وحملهم الأشياء على ما يعرفون من أنفسهم، ومن الحيوان والموات، واستعمالهم حكم ذوي الجثث في الروحانيين. فإذا سمعوا بملائكة، على كواهلها العرش، وأقدامها في الأرض السفلى، استوحشوا من ذلك، لمخالفة ما شاهدوا -وقالوا: كيف تخرق جثث هؤلاء، السموات وما بينهما، والأرضين وما فوقها، من غير أن نرى لذلك أثرا؟ وكيف يكون خلق، له هذه العظمة؟ وكيف تكون أرواحا ولها