هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، الإمام العلم المجتهد أبو جعفر الطبري، عالم العصر، كان ثقة صادقاً حافظاً، إماماً في التفسير والفقه والإجماع والاختلاف، علامة في التاريخ وأيام الناس، عارفاً بالقراءات وباللغة. له مصنفات بديعة، قل أن ترى العيون مثله. ولد سنة أربع وعشرين ومائتين، ورحل من آمل طبرستان لما ترعرع وحفظ القرآن. واستقر في أواخر أمره ببغداد. سمع إسماعيل بن موسى السدي، ومحمد بن حميد الرازي، وأحمد بن منيع وغيرهم. حدث عنه أبو القاسم الطبراني وأبو بكر الشافعي وأبو أحمد بن عدي وأحمد بن كامل القاضي وغيرهم. قال الذهبي: وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات، من جاهل وحاسد وملحد، فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه، وزهده في الدنيا، ورفضه لها، وقناعته -رحمه الله- بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة.
توفي رحمه الله عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة ثلاثمائة وعشرة.
قلت: هذا الإمام من الذين بارك الله لهم في عمرهم، فكتبوا من الكتب ما يعجز عن قراءته القارئ المجتهد، فضلاً عن كتابة مثل ما كتب هؤلاء، وقد ترك هذا الإمام تراثاً سلفياً شكره عليه الأولون والآخرون ومن أهم ذلك التراث: