هذا الإمام العَلَم على قصر عمره نهل علما غزيرا، وكان رحمه الله سيفا مسلولا على المبتدعة، وقد تصدى لأكبر مبتدع في عصره ألا وهو السبكي، بل وألف في الرد عليه كتابا مستقلا أسماه الصارم المنكي -فأزعج به المبتدعة الأقدمين والمحدثين، حتى إنهم لخبثهم وحقدهم الدفين حاولوا مناقشة كلمة "المنكي"- وهو من الكتب السلفية التي لو كتبت بماء الذهب لَعُدَّ في حقها رخيصا، لما حواه في طياته من بيان لخبث المبتدعة عموما وحيلهم ومكرهم وتمويهاتهم، وهو مطبوع بحمد الله.
- قال في مطلعه: أما بعد: فإني وقفت على الكتاب الذي ألفه بعض قضاة الشافعية في الرد على شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية في مسألة شد الرحال وإعمال المطيّ إلى القبور، وذكر أنه كان قد سماه 'شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة' ثم زعم أنه اختار أن يسميه 'شفاء السقام في زيارة خير الأنام' فوجدت كتابه مشتملاً على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة والآثار القوية المقبولة وتحريفها عن مواضعها وصرفها عن ظاهرها بالتأويلات المستنكرة المردودة. ورأيت مؤلف هذا الكتاب المذكور رجلاً ممارياً معجباً برأيه متبعاً لهواه، ذاهباً في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة والآراء الساقطة، صائراً في أشياء مما يعتمده إلى الشبه المخيلة والحجج الداحضة، وربما خرق الإجماع في مواضع لم يسبق إليها ولم يوافقه أحد من الأئمة عليها.