قال تاج الدين السبكي في طبقاته: اشتمل عصرنا على أربعة من الحفاظ بينهم عموم وخصوص: المزي، والبرزالي، والذهبي، والشيخ الوالد، لا خامس لهم في عصرهم، فأما أستاذنا أبو عبد الله فنظير لا نظير له، وكبير هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، وَذَهَبُ العصر معنى ولفظا، وشيخ الجرح والتعديل كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يخبر عنها أخبار من حضرها، وكان محط رحال المعنت، ومنتهى رغبات من تعنت.
قال ابن ناصر: كان إماما في القراءات، فقيها في النظريات له دربة بمذاهب الأئمة وأرباب المقالات، قائما بين الخلف بنشر السنة ومذهب السلف. أنشدونا عنه لنفسه:
الفقه قال الله قال رسوله وحذار من نصب الخلاف جهالة ... إن صح والإجماع فاجهد فيه
بين النبي وبين رأي فقيه
وله المؤلفات المفيدة والمختصرات الحسنة، والمصنفات السديدة. توفي رحمه الله تعالى عام ثمان وأربعين وسبعمائة.
[موقفه من المبتدعة:]
- قال رحمه الله في تذكرة الحفاظ وهو يتكلم عن عزة السنن وخمود البدع في الطبقة الخامسة: وفي زمان هذه الطبقة كان الإسلام وأهله في عز تام، وعلم غزير وأعلام الجهاد منثورة، والسنن مشهورة، والبدع مكبوتة، والقوالون بالحق كثير، والعباد متوافرون، والناس في بُلَهْنِيَّةٍ من العيش بالأمن، وكثرة الجيوش المحمدية من أقصى المغرب وجزيرة الأندلس، وإلى قريب