لقد ظلت آثار السلف ومواقفهم العقدية في طيات كثير من المصنفات مطمورة، وبين أسطر أخرى مغمورة، لا يعرف الطلاب لها من سبيل، ولا يدلهم عليها دليل، إلا ما تيسر من كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي رحمه الله، الذي ضم في تراجم أعلامه بعضها، وهو أحد المراجع التي استخلصنا فوائدها وفرائدها، وزدنا عليه عشرات من أمثاله التي استقرئت بكاملها، من مؤلفات العقائد، وأضعاف أضعافها مما انتقي من غيرها، كما سيأتي جرد أسماء بعض منها في محله إن شاء الله تعالى.
فتيسير الوقوف على مواقف السلف النيرة، وأقوالهم الزاهرة، وتراجمهم العطرة في كتاب مفرد، غاية في حد ذاتها.
هذا الكنز الثمين من الآثار السلفية الذي نقدمه اليوم للأمة لا يعلم قيمته ونفاسته إلا من أجهد نفسه للظفر بدرة من درره؛ وقطف ثمرة من ثمراته، وسل الغائص في بحر الكتب لاستخلاصها، والمسير طرفه بين الأسطر لالتقاط دررها، تعلم مدى الجهد والعناء الذي اختزل في ما بين يديك! ولا أدل على ذلك من أنا أمضينا زمناً طويلاً في استخراجها ونظم عقدها. والله الموفق، لا رب سواه.