ولهذا كان الرفض أعظم أبواب النفاق والزندقة. فإنه يكون الرجل واقفا، ثم يصير مفضلا، ثم يصير سبابا، ثم يصير غاليا، ثم يصير جاحدا معطلا. ولهذا انضمت إلى الرافضة أئمة الزنادقة، من الإسماعيلية والنصيرية، وأنواعهم من القرامطة والباطنية والدرزية، وأمثالهم من طوائف الزندقة، والنفاق.
فإن القدح في خير القرون الذين صحبوا الرسول قدح في الرسول عليه السلام، كما قال مالك وغيره من أئمة العلم: هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما طعنوا في أصحابه ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين. (١)
[موقفه من الصوفية:]
- قال رحمه الله: ومن ادعى أن من الأولياء الذين بلغتهم رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - من له طريق إلى الله لا يحتاج فيه إلى محمد فهذا كافر ملحد؛ وإذا قال: أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، فهو شر من اليهود والنصارى الذين قالوا: إن محمدا رسول إلى الأميين دون أهل الكتاب. فإن أولئك آمنوا ببعض وكفروا ببعض، فكانوا كفارا بذلك، وكذلك هذا الذي يقول: إن محمدا بعث بعلم الظاهر دون علم الباطن، آمن ببعض ما جاء به وكفر ببعض فهو كافر، وهو أكفر من أولئك، لأن علم الباطن الذي هو علم إيمان القلوب ومعارفها وأحوالها هو علم بحقائق الإيمان الباطنة، وهذا أشرف من العلم بمجرد أعمال الإسلام الظاهرة.