فجمع منه شيئا كثيرا وصنف فيه كتبا، وكان لكثرة ولعه به يحفظ كثيرا منه. توفي رحمه الله سنة خمس وأربعين وثمانمائة.
[موقفه من المبتدعة:]
- قال في الخطط: القسم الثاني: فرق أهل الإسلام الذين عناهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:«ستفترق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة: ثنتان وسبعون هالكة وواحدة ناجية» وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة»(١) ... واعلم أن فرق المسلمين خمسة: أهل السنة والمرجئة والمعتزلة والشيعة والخوارج، وقد افترقت كل فرقة منها على فرق. فأكثر افتراق أهل السنة في الفتيا ونبذ يسيرة من الاعتقادات، وبقية الفرق الأربع منها من يخالف أهل السنة الخلاف البعيد، ومنهم من يخالفهم الخلاف القريب فأقرب فرق المرجئة من قال: الإيمان إنما هو التصديق بالقلب واللسان معا فقط، وأن الأعمال إنما هي فرائض الإيمان وشرائعه فقط، وأبعدهم أصحاب جهم بن صفوان ومحمد بن كرام. وأقرب فرق المعتزلة أصحاب الحسين النجار وبشر بن غياث المريسي، وأبعدهم أصحاب أبي الهذيل العلاف وأقرب مذاهب الشيعة أصحاب الحسن ابن صالح بن حي، وأبعدهم الإمامية؛ وأما الغالية فليسوا بمسلمين ولكنهم أهل ردة وشرك. وأقرب فرق الخوارج أصحاب عبد الله بن يزيد الإباضي،
(١) انظر تخريجه في مواقف يوسف بن أسباط سنة (١٩٥هـ).