للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سطرتها على عجل حين جالت في خاطري. والله وليّ النفع برحمته. (١)

- قال في تلبيس إبليس: ومن تلبيسه على الزهاد: إعراضهم عن العلم شغلا بالزهد، فقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وبيان ذلك: أن الزاهد لا يتعدى نفعه عتبة بابه والعالم نفعه متعد. وكم قد رد إلى الصواب من متعبد. ومن تلبيسه عليهم: أنه يوهمهم أن الزهد ترك المباحات، فمنهم من لا يزيد على خبز الشعير. ومنهم من لا يذوق الفاكهة. ومنهم من يقلل المطعم حتى ييبس بدنه، ويعذب نفسه بلبس الصوف، ويمنعها الماء البارد. وما هذه طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا طريق أصحابه وأتباعهم. (٢)

- وفيه أيضا قال مخاطبا الصوفية: وإنما خدعكم الشيطان فصرتم عبيد شهواتكم، ولم تقفوا حتى قلتم هذه الحقيقة. وأنتم زنادقة في زي عباد، شرهين في زي زهاد، مشبهة تعتقدون أن الله عز وجل يعشق ويهام فيه. ويؤلف ويؤنس به، وبئس التوهم، لأن الله عز وجل خلق الذوات مشاكلة، لأن أصولها مشاكلة فهي تتوانس وتتوالم بأصولها العنصرية وتراكيبها المثلية في الأشكال الحديثة، فمن ههنا جاء التلاؤم والميل وعشق بعضهم بعضا، وعلى قدر التقارب في الصورة يتأكد الأنس. (٣)

- وفيه أيضا قال: اعلم أن أول تلبيس إبليس على الناس صدهم عن العلم لأن العلم نور، فإذا أطفأ مصابيحهم خبطهم في الظلم كيف شاء. وقد


(١) صيد الخاطر (ص.٦١ - ٧٩).
(٢) التلبيس (١٨٦).
(٣) التلبيس (٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>