للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه ولا يقول كيف بعث الله عز وجل نوحاً إلى قومه وأمره بنصيحتهم ودلالتهم على عبادته والإيمان به وبطاعته، والله يغويهم ويحول بينهم وبين قبول ما جاء به نوح إليهم عن ربه؛ حتى كذبوه وردوا ما جاء به، ولقد حرص نوح في هداية الضال من ولده، ودعا الله أن ينجيه من أهله؛ فما أجيب، وعاتبه الله في ذلك بأغلظ العتاب، حين قال نوح: {فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} (١)،

فقال الله عز وجل: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)} (٢). وذلك أن ابن نوح كان ممن سبقت له من الله الشقوة، وكتب في ديوان الضلال الأشقياء، فما أغنت عنه نبوة أبيه ولا شفاعته فيه؛ فنحمد ربنا أن خصنا بعنايته، وابتدأنا بهدايته من غير شفاعة شافع ولا دعوة داع، وإياه نسأل أن يتم ما به ابتدأنا، وأن يمسكنا بعرى الدين الذي إليه هدانا، ولا ينزع منا صالحاً أعطانا. (٣)

- وقال رحمه الله: وفرض على المسلمين أن يؤمنوا ويصدقوا بأن علم الله عز وجل قد سبق ونفذ في خلقه قبل أن يخلقهم؛ كيف يخلقهم، وماذا هم عاملون، وإلى ماذا هم صائرون؛ فكتب ذلك في اللوح المحفوظ وهو أم الكتاب، ويصدق ذلك قوله عز وجل: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَن اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي


(١) هود الآية (٤٥) ..
(٢) هود الآية (٤٦).
(٣) الإبانة) ١/ ٨/٢٦٤ - ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>