للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطعم أمته أربعين سنة من المن والسلوى؟ وهذا محمد بن عبد الله قد أطعم العسكر كله من زاد يسير جدا حتى شبعوا وملؤوا أوعيتهم (١)، وسقاهم كلهم من ماء يسير لا يملأ اليد حتى ملؤوا كل سقاء في العسكر (٢)،

وهذا منقول عنه بالتواتر؟ وإن قلتم جعلناه إلها لأنه صاح بالبحر فسكنت أمواجه، فقد ضرب موسى البحر بعصاه فانفلق اثنى عشر طريقا وقام الماء بين الطرق كالحيطان، وفجر من الحجر الصلد اثني عشر عينا سارحة، وإن جعلتموه إلها لأنه أبرأ الأكمه والأبرص، فإحياء الموتى أعجب من ذلك، وآيات موسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أعجب من ذلك، وإن جعلتموه إلها لأنه ادعى ذلك فلا يخلو إما أن يكون الأمر كما تقولون عنه، أو يكون إنما ادعى العبودية والافتقار وأنه مربوب مصنوع مخلوق، فإن كان كما ادعيتم عليه فهو أخو المسيح الدجال، وليس بمؤمن ولا صادق فضلا عن أن يكون نبيا كريما وجزاؤه جهنم وبئس المصير، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} (٣) وكل من ادعى الإلهية من دون الله فهو من أعظم أعداء الله كفرعون ونمرود وأمثالهما من أعداء الله، فأخرجتم المسيح عن كرامة الله ونبوته ورسالته وجعلتموه من أعظم أعداء الله، ولهذا كنتم أشد الناس عداوة للمسيح في صورة محب موال! ومن أعظم ما يعرف به كذب المسيح الدجال أنه يدعي الإلهية، فيبعث الله عبده ورسوله مسيح


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٤٢١ - ٤٢٢) ومسلم (١/ ٥٥ - ٥٦/ ٢٧) من حديث أبي هريرة.
(٢) أحمد (٥/ ٢٣٧ - ٢٣٨) ومسلم (٤/ ١٧٨٤/٧٠٦) من حديث معاذ ..
(٣) الأنبياء الآية (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>