نفى الاستواء فنفوا لهذه الشبهة. وهذا طريق المعتزلة والجهمية. وقد اتفق السلف على تبديعهم وتضليلهم. وقد سلك سبيلهم في بعض الأمور كثير ممن انتسب إلى السنة والحديث من المتأخرين.
والثاني: من رام إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثر، ورد على أولئك مقالتهم، كما هي طريقة مقاتل بن سليمان ومن تابعه كنوح بن أبي مريم، وتابعه طائفة من المحدثين قديما وحديثا، وهو أيضا مسلك الكرامية، فمنهم من أثبت لإثبات هذه الصفات الجسم إما لفظا وإما معنى.
ومنهم من أثبت لله صفات لم يأت بها الكتاب والسنة كالحركة وغير ذلك مما هي عنده لازم الصفات الثابتة.
وقد أنكر السلف على مقاتل قوله في رده على جهم بأدلة العقل وبالغوا في الطعن عليه، ومنهم من استحل قتله، منهم مكي بن إبراهيم شيخ البخاري وغيره.
والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير لها ولا تكييف ولا تمثيل، ولا يصح عن أحد منهم خلاف ذلك البتة، خصوصا الإمام أحمد، ولا خوض في معانيها ولا ضرب مثل من الأمثال لها.
وإن كان بعض من كان قريبا من زمن الإمام أحمد فيهم من فعل شيئا من ذلك اتباعا لطريقة مقاتل، فلا يقتدى به في ذلك، إنما الاقتداء بأئمة الإسلام كابن المبارك ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم.