للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا المحافظة على أداء الفرائض. قيل: هو مؤمن إن شاء الله.

وإنما وصلنا تسميتنا إياه بذلك بقولنا إن شاء الله، لأنا لا ندري هل هو مؤمن ضيع شيئاً من فرائض الله عز ذكره أم لا، بل سكون قلوبنا إلى أنه لا يخلو من تضييع ذلك أقرب منها إلى اليقين، فإنه غير مضيع شيئاً منها ولا مفرط، فلذلك من وصفناه بالإيمان بالمشيئة إذ كان الاسم المطلق من أسماء الإيمان إنما هو الكمال، فمن لم يكن مكملاً جميع معانيه -والأغلب عندنا أنه لا يكملها أحد- لم يكن مستحقاً اسم ذلك بالإطلاق والعموم الذي هو اسم الكمال، لأن الناقص غير جائز تسميته بالكمال، ولا البعض باسم التام، ولا الجزء باسم الكل. (١)

- وقال أيضاً: والحق في ذلك عندنا أن يقال: الإيمان يزيد وينتقص، لما وصفنا قبل من أنه معرفة وقول وعمل. وأن جميع فرائض الله تعالى ذكره التي فرضها على عباده من المعاني التي لا يكون العبد مستحقاً اسم مؤمن بالإطلاق إلا بأدائها.

وإذا كان ذلك كذلك، وكان لا شك أن الناس متفاضلون في الأعمال، مقصر وآخر مقتصد مجتهد ومن هو أشد منه اجتهاداً، كان معلوماً أن المقصر أنقص إيماناً من المقتصد، وأن المقتصد أزيد منه إيماناً، وأن المجتهد أزيد إيماناً من المقتصد والمقصر، وأنهما أنقص منه إيماناً، إذ كان جميع فرائض الله كما قلنا قبل.

فكل عامل فمقصر عن الكمال، فلا أحد إلا وهو ناقص الإيمان غير


(١) التبصرة (ص.١٩٠ - ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>