للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: لو كان الأمر كما زعمت، لكان الله تعالى ذكره لم يعم عباده بأمره ونهيه، لأنه يقول: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (١).

فإن تك المشيئة منه أمراً، فقد يجب أن يكون من لم يهتد لدين الإسلام لم يدخله الله عز وجل في أمره ونهيه الذي عم به خلقه، وفي عمومه بأمره ونهيه جميعهم، مع ترك أكثرهم قبوله الدليل الواضح على أن قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (٢) إنما معناه: لو شاء الله لجمعهم على دين الإسلام، وإذ كان ذلك كذلك كان بيناً فساد قول من قال: مشيئة الله -تعالى ذكره- أمره ونهيه!. (٣)

- وقال رحمه الله: وقال آخرون -وهم جمهور أهل الإثبات وعامة العلماء والمتفقهة من المتقدمين والمتأخرين-: إن الله تعالى ذكره وفق أهل الإيمان للإيمان، وأهل الطاعة للطاعة، وخذل أهل الكفر والمعاصي، فكفروا بربهم، وعصوا أمره.

قالوا: فالطاعة والمعصية من العباد بسبب من الله -تعالى ذكره- وهو توفيقه للمؤمنين، وباختيار من العبد له.

قالوا: ولو كان القول كما قالت القدرية، الذين زعموا أن الله -تعالى ذكره- قد فوض إلى خلقه الأمر فهم يفعلون ما شاؤوا، ولبطلت حاجة


(١) الأنعام الآية (٣٥).
(٢) الأنعام الآية (٣٥).
(٣) التبصير في معالم الدين (ص.١٣٠ - ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>