للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخبر قلده، وخير خصلة كانت فيه لم يكن يشتهي الكلام، إنما همته الفقه. قال أبو زرعة، سمعت قتيبة بن سعيد يقول: مات الثوري ومات الورع ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد ابن حنبل وتظهر البدع. قال أبو ثور الكلبي: ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى هو مثل نفسه. قال أحمد بن حنبل من طرق عنه إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكذب قال: فنظرنا، فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي. وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد يقول: ما أحد مس محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة. من أقواله: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم -يعني كتبه- على أن لا ينسب إلي منه شيء. وعنه قال: ما كابرني أحد على الحق ودافع، إلا سقط من عيني، ولا قبله إلا هبته، واعتقدت مودته.

وعنه: العلم علمان: علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب، وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث. وسئل: مَن أقدر الفقهاء على المناظرة؟ قال: من عود لسانه الركض في ميدان الألفاظ لم يتلعثم إذا رمقته العيون. وعنه بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. وعنه ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه. وعنه ضياع العالم أن يكون بلا إخوان، وضياع الجاهل قلة عقله وأضيع منهما من واخى من لا عقل له. وعنه آلات الرياسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة.

توفي سنة أربع ومائتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>