للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول وأدين الله به. (١)

- جاء في تاريخ الخطيب بالسند إلى الربيع بن سليمان قال: رأيت البويطي على بغل في عنقه غل، وفي رجله قيد، وبين الغل والقيد سلسلة حديد فيها طوبة وزنها أربعون رطلا، وهو يقول: إنما خلق الله الخلق بكن، فإذا كانت كن مخلوقة فكانت مخلوقا خلق مخلوقا، فوالله لأموتن في حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم، ولئن أدخلت إليه لأصدقنه -يعني الواثق- قال الربيع: وكتب إلي من السجن أنه لا يأتي علي أوقات ما أحس بالحديد أنه على بدني حتى تمسه يدي، فإذ قرأت كتابي هذا فأحسن خلقك مع أهل حلقتك واستوص بالغرباء خاصة خيرا فكثيرا ما كنت أسمع الشافعي يتمثل بهذا البيت:

أهين لهم نفسي لكي يكرمونها ... ولا تكرم النفس التي لا تهينها (٢)

" التعليق:

ألا تجهش بالبكاء حين تقرأ مثل هذه المواقف، وتنظر إلى سلفك كيف كانوا يفدون عقيدتهم بأنفسهم، ويصبرون على الذلة الظاهرة، وهي العزة الباطنة، هكذا ينبغي أن يكون الرجال، فرحمة الله عليك يا إمام الفقه في وقتك، لقد جاء من بعدك وعلم أنك استشهدت في هذا الشأن، وكنت له قدوة يقتدى بك، فشهادة العقيدة السلفية لا تعدلها شهادة، اللهم ارزقنا شهادة في سبيلك.


(١) أصول الاعتقاد (٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦/ ٤٦٦) والإبانة (٢/ ١٢/١٦٠/ ٢٦٦).
(٢) تاريخ بغداد (١٤/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>