ساقته وساقتني معه حتى وفيت سر من رأى، فقال: اطلب خانا ننزله، فنزل الخان ونزلت معه، ثم قال: يا محمد قم فاخرج فاسأل الناس متى مجلسه، فسألت فقيل لي: في غداة غد يجلس، فقال للغلمان: قوموا بوقت، ثم إنه نام وفكري يجول في كل شيء، فلما كان طلوع الفجر، صاح بغلمانه فأسرجوا، ثم أنبهني ثم جدد الطهر، ولبس ثيابه وتبخر، فقلت: أرجو أن يدعني هاهنا ويمضي، فلما ركب قال لي: يا محمد معي، فقلت في نفسي: ليس غير الموت، فلم يزل يسير وأنا معه في ركابه حتى وافينا باب أمير المؤمنين وعليه ثياب القضاء وسواده وذيلته، وكان رجلا عظيم الخلق، لا يمر بقوم إلا نظروا إليه، فقال: يا محمد، قل للحُجَّاب يستأذنون لي على أمير المؤمنين، ويعلموا أني قاضي الري، فنظر الحجاب إليه، ثم قالوا: لم يؤذن لأحد عليه، ودخل الحاجب فما أبطأ حتى خرج إلي فقال لي: قل له ينزل، فنزل واعتمد على يدي، وأنا أذكر الله وأسبح، فلم يزل يدخل من دهليز إلى دهليز حتى دخلنا إلى الصحن، فإذا جماعة يتناظرون، وقد علت أصواتهم في الدار، حتى وافى إلى القوم فسلم عليهم ثم جلس، فجعل إذا نظر إليهم أطرقوا إلى الأرض وتشاغلوا بالكلام، وإذا أطرق إلى الأرض نظروا إليه، فنحن هكذا حتى شيل الستر، فإذا بأمير المؤمنين جالس، فسلمنا عليه، ثم أمرنا بالجلوس ولم يزل القوم يتكلمون فيما جئنا فيه. ثم أقبل أمير المؤمنين، فقال لابن الشحام: من الرجل؟ فقال: عامل من عمالك، قاضي الري، أعرف بابن الشحام. فقال: حاجة؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، جئت قاصدا من الري إلى أمير المؤمنين، أسأله عن شيء تحدث الناس به وأسمعه منه، وهي