للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا، قال: فأتي بشيخ مخضوب مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأحمد بن أبي دؤاد وأصحابه، وأدخل الشيخ، فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلم الله عليك، قال: بئس ما أدبك مؤدبك، قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (١)، فقال أحمد: الرجل متكلم. قال كلمه. فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن؟ قال: لم تنصفني ولي السؤال، قال: سل. قال: ما تقول أنت؟ قال: مخلوق. قال: هذا شيء علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر والخلفاء، أم لم يعلموه؟ فقال: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله، شيء لم يعلموه وعلمته أنت؟ فخجل، وقال: أقلني. قال: المسألة بحالها، ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق، قال: شيء علمه رسول الله؟ قال: علمه، قال: أعلمه ولم يدع الناس إليه؟ قال: نعم. قال: فوسعه ذلك؟ قال: نعم. قال: أفلا وسعك ما وسعه ووسع الخلفاء بعده؟ فقام الواثق، فدخل الخلوة، واستلقى وهو يقول: شيء لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، علمته أنت سبحان الله، عرفوه، ولم يدعوا إليه الناس فهلا وسعك ما وسعهم ثم أمر برفع قيد الشيخ، وأمر له بأربع مئة دينار، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد، ولم يمتحن بعدها أحدا. (٢)

- وفيها: وفي سنة إحدى وثلاثين: قتل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد ظلما، وأمر بامتحان الأئمة والمؤذنين بخلق القرآن، وافتك من أسر الروم


(١) النساء الآية (٨٦).
(٢) السير (١٠/ ٣٠٨ - ٣٠٩) وتاريخ بغداد (٤/ ١٥١ - ١٥٢). تقدمت معنا المناظرة بطولها ضمن مواقف أبي عبد الرحمن عبد الله بن محمد الجزري (ت ٢٣٢) فلتنظر هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>