للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونه، وهذه مسألة لا يحل لمؤمن أن يسأل عنها ولمؤمن أن يجيب فيها، لأن الله عز وجل أمسك عن أن يخبر كيف علمه، فلم يكن لأحد أن يتكلفه ولا يخبر عنه ولا لسائل أن يسأل عنه، فلما كان علينا أن نقول سميعا بصيرا، قلنا، وليس لنا أن نقول: سمع وبصر.

قال عبد العزيز: وقلت لبشر: حين تسألني ما معنى العلم وتشير علي أن أقول على الله ما لم يقله، هل تجوز هذه المسألة في خلق من خلق الله؟ قد قال الله عز وجل: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (١)، فلو ورد علي ثلاثة نفر فحلف أحدهم أن الأقلام خشب، وحلف الآخر أنها قصب، وحلف الآخر أنها خوص، كان علي أن أميز بين قول هؤلاء؟ وقال الله عز وجل: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} (٢)، فلو ورد علي رجلان فحلف أحدهما أنه الزهرة، وحلف الآخر أنه المشتري، أكان علي أن أنظر بين هذين أيهما المصيب من المخطئ؟ وقال عز وجل: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (٣)، فلو أن ثلاثة نفر حلفوا فقال أحدهم: المؤذن ملك، وقال الآخر: هو إنسي، وقال الآخر: هو جني، كان علي أو على أحد من الناس أن يقضي بينهم إلا أن يكون الله أخبر في كتابه كيف ذلك وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟ وإذا لم يوجد شيء من هذا عن الله ولا عن


(١) آل عمران الآية (٤٤).
(٢) الأنعام الآية (٧٦).
(٣) الأعراف الآية (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>