تركوا باب شر إلا وسدوه في وجوه المبتدعة على اختلاف أنواعهم، فكم ألقى الملاحدة من شبه سخيفة على ضعاف المسلمين لتشكيكهم في ربهم ونبليهم ودينهم. وكم ألقى المبتدعة من الشبه التي لا حصر لها لصرف وجوه الناس إليهم، وقد افتتن بها خلق كثير من ضعاف المعرفة الذين أعرضوا عن مثل هذه النصائح الغالية، إذ لو طلبوا الحكم الشرعي بدليله في النازلة التي تحيق بهم، والشبه التي تعرض لهم، لما انطلت عليهم هذه الأفكار الكاسدة في سوق المعرفة، ولا كان لها رواج بينهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- وعن مسروق عن ابن مسعود قال: ليس عام إلا والذي بعده شر منه، لا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام ولا أمير خير من أمير، ولكن ذهاب علمائكم وخياركم، ثم يحدث أقوام يقيسون الأمور بآرائهم فيهدم الإسلام ويثلم. (١)
- وفي الفتح: عن زيد بن وهب قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالا يفيده ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علما من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون.
- وعن مسروق عنه قال: لا يأتي عليكم زمان إلا وهو أشر مما كان
(١) الدارمي (١/ ٦٥) والطبراني في الكبير (٩/ ١٠٩/٨٥٥١) ابن وضاح (ص.٧٦) وابن عبد البر في الجامع (٢/ ١٠٤٣) والهروي في ذم الكلام (ص.٨٩) والخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٤٥٦ - ٤٥٧).