للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخبار وسقيمها، لأنهم أهلها والمعتنون بها وكل ذي صناعة أولى بصناعته. غير أنا لا نشك في بطلان أحد الخبرين لأنه لا يجوز على عبد الله بن مسعود، أنه يخبر الناس عن نفسه بأنه قد كذب، ولا يسقط عندهم مرتبته. ولو فعل ذلك، لقيل له: فلم خبرتنا أمس بأنك شهدت. فإن كان الأمر على ما قال أصحاب الحديث، فقد سقط الخبر الأول، وإن كان الحديثان جميعا صحيحين، فلا أرى الناقل للخبر الثاني إلا وقد أسقط منه حرفا، وهو (غيري) يدلك على ذلك أنه قال: قيل له، أكنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ فقال: ما شهدها أحد منا غيري. فأغفل الراوي (غيري) إما بأنه لم يسمعه، أو بأنه سمعه فنسيه أو بأن الناقل عنه أسقطه.

وهذا وأشباهه قد يقع ولا يؤمن. ومما يدل على ذلك، أنه قال له: هل كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ فقال: "ما شهدها أحد منا". وليس هذا جوابا لقوله: "هل كنت"؟ وإنما هو جواب لقول السائل: "هل كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن". وإذا كان قول السائل: هل كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ حسن أن يكون الجواب: "ما شهدها أحد منا غيري" يؤكد ذلك ما كان من متقدم قوله.

وأما ما حكاه عن حذيفة أنه حلف على أشياء لعثمان، ما قالها، وقد سمعوه قالها، فقيل له في ذلك. فقال: إني أشتري ديني بعضه ببعض، مخافة أن يذهب كله. فكيف حمل الحديث على أقبح وجوهه، ولم يتطلب له العذر والمخرج، وقد أخبر به وذلك قوله: "أشتري ديني بعضه ببعض". أفلا تفهم عنه معناه، وتدبر قوله؟ ولكن عداوته لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما احتمله

<<  <  ج: ص:  >  >>