إلى تفرق، وعن أنس إلى وحشة، وعن اتفاق إلى اختلاف، لأن أصحاب الحديث كلهم مجمعون على أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لا يكون.
وعلى أنه خالق الخير والشر، وعلى أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وعلى أن الله تعالى يرى يوم القيامة، وعلى تقديم الشيخين وعلى الإيمان بعذاب القبر لا يختلفون في هذه الأصول ومن فارقهم في شيء منها، نابذوه وباغضوه وبدعوه وهجروه. وإنما اختلفوا في اللفظ بالقرآن، لغموض وقع في ذلك وكلهم مجمعون على أن القرآن، بكل حال -مقروءا ومكتوبا، ومسموعا، ومحفوظا- غير مخلوق، فهذا الإجماع. (١)
- قال أبو محمد: فإذا نحن أتينا أصحاب الكلام، لما يزعمون أنهم عليه من معرفة القياس، وحسن النظر، وكمال الإرادة وأردنا أن نتعلق بشيء من مذاهبهم. ونعتقد شيئا من نحلهم، وجدنا "النظام" شاطرا من الشطار، يغدو على سكر، ويروح على سكر، ويبيت على جرائرها ويدخل في الأدناس ويرتكب الفواحش والشائنات وهو القائل:
ما زلت آخذ روح الزق في لطف ... وأستبيح دما من غير مجروح
حتى انثنيت ولي روحان في جسدي ... والزق مطرح جسم بلا روح
ثم نجد أصحابه يعدون من خطئه قوله إن الله عز وجل يحدث الدنيا وما فيها، في كل وقت من غير إفنائها. قالوا فالله في قوله يحدث الموجود، ولو جاز إيجاد الموجود، لجاز إعدام المعدوم. وهذا فاحش في ضعف الرأي،