للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "يمين الله سحاء لا يغيضها شيء الليل والنهار" (١) أي تصب العطاء ولا ينقصها ذلك، وإلى هذا ذهب المرار، حين قال:

وإن على الأوانة من عقيل ... فتى كلتا اليدين له يمين (٢)

- قال أبو محمد: والذي عندي -والله تعالى أعلم- أن الصورة ليست بأعجب من اليدين، والأصابع، والعين، وإنما وقع الإلف لتلك، لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه، لأنها لم تأت في القرآن. ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه، بكيفية ولا حد. (٣)

- قال أبو محمد: قالوا: رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسبوا الدهر، فإن الله تعالى هو الدهر" (٤) فوافقتم في هذه الرواية، الدهرية.

- قال أبو محمد: ونحن نقول: إن العرب في الجاهلية كانت تقول: "أصابني الدهر في مالي بكذا، ونالتني قوارع الدهر وبواثقه ومصايبه. ويقول الهرم "حناني الدهر" فينسبون كل شيء تجري به أقدار الله عز وجل -عليهم، من موت أو سقم، أو ثكل، أو هرم، إلى الدهر. ويقولون: لعن الله هذا الدهر، ويسمونه المنون، لأنه جالب المنون عليهم عندهم، والمنون: المنية، قال أبو ذؤيب:

أَمِنَ المنون وريبه تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع


(١) أخرجه: أحمد (٢/ ٣١٣) والبخاري (٨/ ٤٤٩/٤٦٨٦) ومسلم (٢/ ٦٩٠ - ٦٩١/ ٩٩٣) والترمذي (٥/ ٢٣٤/٣٠٤٥) وابن ماجه (١/ ٧١/١٩٧) من حديث أبي هريرة بلفظ: "يمين الله ملأى لا يغيضها شيء سحاء الليل والنهار".
(٢) تأويل مختلف الحديث (٢١٠ - ٢١١).
(٣) تأويل مختلف الحديث (٢٢١).
(٤) أخرجه: أحمد (٢/ ٣٩٥) ومسلم (٤/ ١٧٦٣/٢٢٤٦ [٥]) والنسائي في الكبرى (٦/ ٤٥٧/١١٦٨٧) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>