للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال: وقد يحمل بعضهم الحمية على أن يقول: الجبرية، هم القدرية. ولو كان هذا الاسم يلزمهم، لاستغنوا به عن الجبرية. ولو ساغ هذا لأهل القدر، لساغ مثله للرافضة، والخوارج، والمرجئة وقال كل فريق منهم لأهل الحديث، مثل الذي قالته القدرية. والأسماء لا تقع غير مواقعها، ولا تلزم إلا أهلها. ويستحيل أن تكون الصياقلة، هم الأساكفة، والنجار هو الحداد. والفطرة التي فطر الناس عليها، والنظر، يبطل ما قذفوهم به. أما الفطر، فإن رجلا لو دخل المصر، واستدل على القدرية فيه، أو المرجئة، لدله الصبي والكبير، والمرأة والعجوز، والعامي والخاصي، والحشوة والرعاع، على المسمين بهذا الاسم. ولو استدل على أهل السنة، لدلوه على أصحاب الحديث. ولو مرت جماعة فيهم القدري، والسني، والرافضي، والمرجئي، والخارجي، فقذف رجل القدرية، أو لعنهم، لم يكن المراد بالشتم أو اللعن عندهم، أصحاب الحديث. هذا أمر، لا يدفعه دافع، ولا ينكره منكر. وأما النظر، فإنهم أضافوا القدر إلى أنفسهم، وغيرهم يجعله لله تعالى، دون نفسه. ومدعي الشيء لنفسه، أولى بأن ينسب إليه، ممن جعله لغيره. ولأن الحديث جاءنا، بأنهم مجوس هذه الأمة، وهم أشبه قوم بالمجوس، لأن المجوس تقول بإلهين، وإياهم أراد الله بقوله: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (١). وقالت القدرية: نحن نفعل مالا يريد الله تعالى، ونقدر على ما لا


(١) النحل الآية (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>