للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندنا أن الإيمان اسم للتصديق كما قالته العرب، وجاء به كتاب الله -تعالى ذكره- خبراً عن إخوة يوسف من قيلهم لأبيهم يعقوب: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صادقين} (١). بمعنى: ما أنت بمصدق لنا على قيلنا.

غير أن المعنى الذي يستحق به اسم مؤمن بالإطلاق، هو الجامع لمعاني الإيمان، وذلك أداء جميع فرائض الله -تعالى ذكره- من معرفة وإقرار وعمل.

وذلك أن العارف المعتقد صحة ما عرف من توحيد الله -تعالى ذكره- وأسمائه وصفاته، مصدق لله في خبره عن وحدانيته وأسمائه وصفاته، فكذلك العارف بنبوة نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، المعتقد صحة ذلك، وصحة ما جاء به من فرائض الله.

وذلك أن معارف القلوب عندنا اكتساب العباد وأفعالهم، وكذلك الإقرار باللسان بعد ثبوته، وكذلك العمل بفرائض الله التي فرضها على عباده، تصديق من العامل بعمله ذلك لله -جل ثناؤه-، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

كما إقراره بوجوب فرض ذلك عليه، تصديق منه لله ورسوله بإقراره أن ذلك له لازم فإذ كل هذه المعاني يستحق على كل واحد منهما على انفراده اسم إيمان.

وكان العبد مأموراً بالقيام بجميعها كما هو مأمور ببعضها، وإن كانت العقوبة على تضييع بعضها أغلظ، وفي تضييع بعضها أخف، كان بينا أنه غير جائز تسمية أحد مؤمنا ووصفه به مطلقا من غير وصل إلا لمن استكمل


(١) يوسف الآية (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>