واثق بمواهب الله له من لزوم أصحابه إياه، قامع لأهل البدع محب لأهل الورع فرحمة الله على أبي بكر المروذي ومغفرته ورضوانه؛ فقد كان وفيّاً لصاحبه مشفقاً على أصحابه لم تر مثله العيون فجزاه الله من صاحب وأستاذ خيراً، فالزموا من الأمر ما توفى الله عز وجل أبا عبد الله رحمة الله عليه وأبا بكر المروذي، فإنه الدين الواضح وكل ما أحدث هؤلاء فبدعة وضلالة، فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم، وعليكم بلزوم السنة وترك البدع وأهلها، فقد كان أحدث هذا الترمذي المبتدع ببلدنا ما اتصل بنا أنه حدث ببلدكم، وهذا أمر قد كان اضمحل وأخمله الله وأخمل أهله وقائله، وليس بموجود في الناس، قد سلب عقله أخزاه الله وأخزى أشياعه، وقد كان الشيوخ سئلوا عنه في حياة أبي بكر رحمه الله ومحدثي بغداد والكوفة وغير ذلك فلم يكن منهم
أحد إلا أنكره، وكره من أمره ما كتبنا به إليكم لتقفوا عليه، فأما ما قال العباس بن محمد الدوري عند سؤالهم إياه عنه ورده حديث مجاهد: ذكر أن هذا الترمذي الذي رد حديث مجاهد ما رآه قط عند محدث ولا يعرفه بالطلب، وإن هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته فما أعظم ما جاء به هذا من الضلالة والبدع، عمد إلى حديث فيه فضيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يزيله ويتكلم في من رواه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من ناوأهم"(١)، ونحن نحذر عن هذا الرجل أن تستمعوا منه وممن قال بقوله أو تصدقوهم في شيء، فإن السنة عندنا إحياء ذكر هذا
(١) تقدم تخريجه. انظر مواقف عبد الله بن المبارك سنة (١٨١هـ).