قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قلت: هذه القصة التي أشار إليها عن ابن خزيمة مشهورة، ذكرها غير واحد من المصنفين كالحاكم أبي عبد الله في 'تاريخ نيسابور' وغيره، ذكر أنه رفع إلى الإمام أنه قد نبغ طائفة من أصحابه يخالفونه وهو لا يدري، وأنهم على مذهب الكلابية، وأبو بكر الإمام شديد على الكلابية. قال: فحدثني أبو بكر أحمد بن يحيى المتكلم قال: اجتمعنا ليلة عند بعض أهل العلم، وجرى ذكر كلام الله: أقديم لم يزل، أو يثبت عند اختياره تعالى أن يتكلم به؟ فوقع بيننا في ذلك خوض. قال جماعة منا: إن كلام الباري قديم لم يزل، وقال جماعة: إن كلامه قديم، غير أنه لا يثبت إلا باختياره لكلامه. فبكرت أنا إلى أبي علي الثقفي، وأخبرته بما جرى، فقال: من أنكر أنه لم يزل فقد اعتقد أنه محدث، وانتشرت هذه المسألة في البلد، وذهب منصور الطوسي في جماعة معه إلى أبي بكر محمد بن إسحاق وأخبروه بذلك، حتى قال منصور: ألم أقل للشيخ إن هؤلاء يعتقدون مذهب الكلابية، وهذا مذهبهم، فجمع أبو بكر أصحابه، وقال: ألم أنهكم غير مرة عن الخوض في الكلام، ولم يزدهم على هذا في ذلك اليوم، وذكر أنه بعد ذلك خرج على أصحابه، وأنه صنف في الرد عليهم، وأنهم ناقضوه، ونسبوه إلى القول بقول جهم في أن القرآن محدث، وجعلهم هو كلابية. (١)
- قال الحاكم: سمعت أبا عبد الرحمن بن أحمد المقري يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: الذي أقول به أن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله، غير مخلوق، ومن قال: إن القرآن أو شيئاً منه ومن وحيه وتنزيله