للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (١) وقد بين ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث القبضتين (٢).

وحديث الصادق المصدوق عن عبد الله بن مسعود (٣)، وما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب -رضوان الله عليه- حين قال يا رسول الله: أرأيت ما نحن فيه أمر قد فرغ منه، أم أمر مستأنف؟ فقال عليه السلام: "بل أمر قد فرغ منه"، قال عمر: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" (٤) وغير ذلك مما جاء في الكتاب والسنة.

وأجمعوا على أن الخلق لا يقدرون على الخروج مما سبق في علم الله فيهم، وإرادته لهم، وعلى أن طاعته تعالى واجبة عليهم فيما أمرهم به، وإن كان السابق من علمه فيهم وإرادته لهم أنهم لا يطيعونه، وأن ترك معصيته لازم لجميعهم، وإن كان السابق في علمه وإرادته أنهم يعصونه، وأنه تعالى يطالبهم بالأمر والنهي، ويحمدهم على الطاعة فيما أمروا به، ويذمهم على المعصية فيما نهوا عنه، وأن جميع ذلك عدل منه تعالى عليهم كما أنه تعالى عادل على من خلقه منهم مع علمه أنه يكفر إذا أمره، وأعطاه القدرة التي يعلم أنها تصيره إلى معصيته، وأنه عدل في تبقيته المؤمنين إلى الوقت الذي يعلم أنهم يكفرون فيه ويرتدون عما كانوا عليه من إيمانهم، وتعذيبهم لهم على الجرم المنقطع بالعذاب الدائم، لأنه عز وجل ملك لجميع ذلك فيهم غير


(١) الأنبياء الآية (١٠١).
(٢) تقدم تخريجه في مواقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (٢٣هـ).
(٣) تقدم تخريجه في مواقف السلف من عمرو بن عبيد سنة (١٤٤هـ).
(٤) سيأتي تخريجه في مواقف عبد الرحمن بن ناصر السعدي سنة (١٣٧٦هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>