جماعة من كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة وعاقب الله تعالى ابن مقلة على فعله ذلك، بأن أسخط عليه القاهر، وهرب ابن مقلة وعزله القاهر عن وزارته، وطرح في داره النار فقبض على القاهر بالله يوم الأربعاء لست من شهر جمادى الآخرة، سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وحبس وخلع، وسملت عيناه في هذا اليوم حتى سالتا جميعاً فعمي ثم تفضل الله تعالى وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت حتى إنه لما توفي أبو عبد الله بن عرفة، المعروف بنفطويه، وحضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين كان المقدم على جماعتهم في الإمامة البربهاري. وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. وفي هذه السنة ازدادت حشمة البربهاري وعلت كلمته وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة، فبلغنا أن البربهاري اجتاز بالجانب الغربي، فعطس فشمته أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشنه فسأل عن الحال؟ فأخبر بها فاستهولها، ولم تزل المبتدعة ينقلون قلب الراضي على البربهاري، فتقدم الراضي إلى بدر الحرسي صاحب الشرطة بالركوب والنداء ببغداد: أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان فاستتر وكان ينزل بالجانب الغربي بباب محول، فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً، فتوفي في الاستتار في رجب سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
- حدثني محمد بن الحسن المقري قال: حكى لي جدي وجدتي قالا: كان أبو محمد البربهاري قد اختبأ عند أخت توزون بالجانب الشرقي في درب الحمام في شارع درب السلسلة فبقي نحواً من شهر، فلحقه قيام الدم فقالت أخت توزون لخادمها لما مات البربهاري عندها مستتراً: انظر من