للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرادوا الفتنة وأن يوقعوا الضغائن بين أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لما سبق عليهم من الشقوة في الدنيا، ومالهم في الآخرة أعظم.

فإن قال: فمن أين اجتمعوا على قتله؟

قيل له: أول ذلك وبدء شأنه أن بعض اليهود يقال له: ابن السوداء، ويعرف بعبد الله بن سبأ لعنة الله عليه زعم أنه أسلم، فأقام بالمدينة فحمله الحسد للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولصحابته، وللإسلام، فانغمس في المسلمين، كما انغمس ملك اليهود؛ بولس بن شاوذ، في النصارى حتى أضلهم، وفرقهم فرقاً، وصاروا أحزاباً، فلما تمكن فيهم البلاء والكفر تركهم، وقصته تطول، ثم عاد إلى التهود بعد ذلك، فهكذا عبد الله بن سبأ؛ أظهر الإسلام، وأظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصار له أصحاب في الأمصار، ثم أظهر الطعن على الأمراء، ثم أظهر الطعن على عثمان رضي الله عنه، ثم طعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم أظهر أنه يتولى علياً رضي الله عنه، وقد أعاذ الله الكريم علي بن أبي طالب وولده وذريته رضي الله عنهم من مذهب ابن سبأ وأصحابه السبئية، فلما تمكنت الفتنة والضلال في ابن سبأ وأصحابه، صار إلى الكوفة، فصار له بها أصحاب، ثم ورد إلى البصرة فصار له بها أصحاب ثم ورد إلى مصر، فصار له بها أصحاب، كلهم أهل ضلالة، ثم تواعدوا الوقت، وتكاتبوا ليجتمعوا في موضع، ثم يصيروا كلهم إلى المدينة، ليفتنوا المدينة وأهلها ففعلوا، ثم ساروا إلى المدينة، فقتلوا عثمان رضي الله عنه، ومع ذلك فأهل المدينة لا يعلمون حتى وردوا عليهم.

فإن قال: فلم لم يقاتل عنه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

<<  <  ج: ص:  >  >>