الدار جماعة من المهاجرين والأنصار وأبنائهم منهم: عبد الله بن عمر والحسن والحسين وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة، الرجل منهم خير من كذا وكذا. يقولون: يا أمير المؤمنين، خل بيننا وبين هؤلاء القوم، فقال: أعزم على كل رجل منكم وإن لي عليه حقا أن لا يهريق في دماً، وأحرج على كل رجل منكم لما كفاني اليوم نفسه.
فإن قال قائل: فقد علموا أنه مظلوم، وقد أشرف على القتل، فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه، وإن كان قد منعهم.
قيل له: ما أحسنت القول؛ لأنك تكلمت بغير تمييز.
فإن قال: ولم؟ قيل: لأن القوم كانوا أصحاب طاعة وفقهم الله تعالى للصواب من القول والعمل، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقلوبهم وألسنتهم، وعرضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم، فلما منعهم عثمان رضي الله عنه من نصرته، علموا أن الواجب عليهم السمع والطاعة له، وأنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك، وكان الحق عندهم، فيما رآه عثمان رضي الله عنه وعنهم.
فإن قال قائل: فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم، وقد علم أن قتالهم عنه نهي عن منكر، وإقامة حق يقيمونه؟
قيل له: وهذا أيضاً غفلة منك.
فإن قال: وكيف؟ قيل له: منعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوهاً، كلها محمودة.
أحدها: علمه بأنه مقتول مظلوم لا شك فيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلمه