للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجباً. وأما الإيمان بما فرض على الجوارح تصديقاً بما آمن به القلب، ونطق به اللسان: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} إلى قوله تعالى: {تُفْلِحُونَ (٧٧)} (١) وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} في غير موضع من القرآن، ومثله فرض الصيام على جميع البدن، ومثله فرض الجهاد بالبدن، وبجميع الجوارح. فالأعمال رحمكم الله بالجوارح: تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمله وبجوارحه: مثل الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام والحج والجهاد، وأشباه لهذه، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً، ولم ينفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيباً منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه، وبالله التوفيق. وقد قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} (٢). فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته شرائع الإيمان: أنها على هذا النعت في أحاديث كثيرة، وقد قال تعالى في كتابه، وبين في غير موضع: أن الإيمان لا يكون إلا بعمل، وبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما قالت المرجئة، الذين لعب بهم الشيطان.

قال الله تعالى في سورة البقرة: {* لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى


(١) آل عمران الآية (٨٤).
(٢) تقدم تخريجه في مواقف الحكم بن عتيبة سنة (١١٥هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>