للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسهرت ليلك بما لا تدين الله عز وجل به، ولا تزداد به علماً؟ فأجابني بأن قال: كتبته حتى أتمم به الأبواب إذا أردت تخريجها. فقلت له: تخرج للمسلمين ما لا تدين به؟ فقال نعم لأعرفه فقلت له: تُعنِّي المسلمين على قود مقالتك والحق في غير ما ذكرت؟ ثم قلت له خرقت الإجماع لأن الأمة بأسرها، اتفقت على نقلها، ولم يكن نقل ذلك عبثاً ولا لعباً، ولو كان نقلهم لها كترك نقلهم لها لكانوا عابثين وحاشا لله من ذلك. ومن كانت هذه مقالته فقد دخل تحت الوعيد في قوله عز وجل: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} (١).

ولما كانت أخبار الآحاد في الصفات لا توجب عملاً دلّ على أنها موجبة للعلم، فسقط بهذا ما ادعاه من لم ينتفع بعلمه، وتهجم على إسقاط كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه، برأيه وظنه.

ثم ذكرت حساب الكفار فقال لي: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الكافر ليحاسب حتى يقول: أرحني ولو إلى النار» (٢)

فهلا قلت به؟ فقلت له: ليس


(١) النساء الآية (١١٥).
(٢) أخرجه: أبو يعلى (٨/ ٣٩٨/٤٩٨٢) وعنه ابن حبان (١٦/ ٣٣٠/٧٣٣٥) والطبراني (١٠/ ٩٩ - ١٠٠/ ١٠٠٨٣) من طريق شريك عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعاً. وفي إسناده شريك وهو سيئ الحفظ وهو متأخر السماع من أبي إسحاق السبيعي، وهذا الأخير اختلط بآخره. وتابعه إبراهيم بن المهاجر البجلي عن أبي الأحوص به. رواه الطبراني في الكبير (١٠/ ١٠٧/١٠١١٢) وفي الأوسط (٥/ ٢٩٢/٤٥٧٦). وإبراهيم بن المهاجر قال فيه ابن حجر: "صدوق لين الحفظ".

والحديث ذكره الهيثمي في المجمع (١٠/ ٣٣٦) وقال: "رجال الكبير رجال الصحيح وفي رجال الأوسط محمد بن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس".

<<  <  ج: ص:  >  >>