للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أكثر عمالهم وأصحاب ولايتهم العرب، فلما زالت الخلافة عنهم، ودارت إلى بني العباس، قامت دولتهم بالفرس وكانت الرياسة فيهم وفي قلوب أكثر الرؤساء منهم الكفر والبغض للعرب ودولة الإسلام فأحدثوا في الإسلام الحوادث التي تؤذن بهلاك الإسلام. ولولا أن الله تبارك وتعالى وعد نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن ملته وأهلها هم الظاهرون إلى يوم القيامة لأبطلوا الإسلام، ولكنهم قد ثلموه وعوروا أركانه، والله منجز وعده إن شاء الله. فأول الحوادث التي أحدثوها: إخراج كتب اليونانية إلى أرض الإسلام فترجمت بالعربية وشاعت في أيدي المسلمين. وسبب خروجها من أرض الروم إلى بلاد الإسلام: يحيى بن خالد بن برمك وذلك أن كتب اليونانية كانت ببلد الروم وكان ملك الروم خاف على الروم إن نظروا في كتب اليونانية أن يتركوا دين النصرانية ويرجعوا إلى دين اليونانية، وتتشتت كلمتهم وتتفرق جماعتهم. فجمع الكتب في موضع وبنى عليه بناءً مطمساً بالحجر والجص حتى لا يوصل إليها. فلما أفضت رياسة دولة بني العباس إلى يحيى بن خالد -وكان زنديقاً- بلغه خبر الكتب التي في البناء ببلد الروم فصانع ملك الروم الذي كان في وقته بالهدايا، ولا يلتمس منه حاجة فلما أكثر عليه جمع الملك بطارقته وقال لهم، إن هذا الرجل خادم العرب قد أكثر علي من هداياه ولا يطلب مني حاجة وما أراه إلا يلتمس حاجة، وأخاف أن تكون حاجته تشق علي. وقد شغل بالي فلما جاءه رسول يحيى قال له: قل لصاحبك إن كانت له حاجة فليذكرها.

فلما أخبر الرسول يحيى رده إليه وقال له: حاجتي الكتب التي تحت البناء يرسلها إِلَيَّ أخرج منها بعض ما أحتاج وأردها إليه. فلما قرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>