للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيرة المباركة.

- وقال ابن بطة: فاعلم يا أخي أني لم أر الجدال والمناقضة والخلاف والمماحلة والأهواء المختلفة والآراء المخترعة من شرائع النبلاء، ولا من أخلاق العقلاء، ولا من مذاهب أهل المروءة، ولا مما حكي لنا عن صالحي هذه الأمة، ولا من سير السلف، ولا من شيمة المرضيين من الخلف، وإنما هو لهو يتعلم ودراية يتفكه بها، ولذة يستراح إليها، ومهارشة العقول، وتذريب اللسان بمحق الأديان، وضراوة على التغالب واستمتاع بظهور حجة المخاصم، وقصد إلى قهر المناظر والمغالطة في القياس، وبهت في المقاولة وتكذيب الآثار، وتسفيه أحلام الأبرار، ومكابرة لنص التنزيل وتهاون بما قاله الرسول، ونقض لعقدة الإجماع، وتشتيت الألفة وتفريق لأهل الملة، وشكوك تدخل على الأمة، وضراوة السلاطة، وتوغير للقلوب، وتوليد للشحناء في النفوس، عصمنا الله وإياكم من ذلك وأعاذنا من مجالسة أهله. (١)

- وقال: فأهل الأهواء في تكفير بعضهم لبعض مصيبون، لأن اختلافهم في شرائع شرعتها أهواؤهم وديانات استحسنتها آراؤهم، فتفرقت بهم الأهواء وشتت بهم الآراء، وحل بهم البلاء، وحرموا البصيرة والتوفيق، فزلت أقدامهم عن محجة الطريق، فالمخطئ منهم زنديق، والمصيب على غير أصل ولا تحقيق. (٢)

- وقال: فإن قال قائل: قد حذرتنا الخصومة والمراء والجدال والمناظرة،


(١) الإبانة (٢/ ٣/٥٣١ - ٥٣٢).
(٢) الإبانة (٢/ ٣/٥٣٥ - ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>