للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباده، وما يحدثه عندهم من العلم، وما لم يسمعوه، ولم يأتهم به كتاب قبله، ولا جاءهم به رسول. ألم تسمع إلى قوله عز وجل: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)} (١) وإلى قوله فيما يحدث القرآن في قلوب المؤمنين إذا سمعوه: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} (٢) فأعلمنا أن القرآن يحدث نزوله لنا علماً وذكراً وخوفاً، فعلم نزوله محدث عندنا وغير محدث عند ربنا عز وجل.

ثم إن الجهمي حين بطلت دعواه وظهرت زندقته فيما احتج به، ادعى أمراً آخر ووهم ولبس على أهل دعوته، فقال: أتزعمون أن الله لم يزل والقرآن؟ فإن زعمتم أن الله لم يزل والقرآن، فقد زعمتم أن الله لم يزل ومعه شيء. فيقال له: إنا لا نقول كما تقول ولا نقول: إن الله لم يزل، والقرآن لم يزل، والكلام لم يزل والعلم ولم يزل والقوة ولم يزل والقدرة، ولكنا نقول كما قال: {وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (٢٥)} (٣) وكما قال: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (٤) فنقول: إن الله لم يزل بقوته، وعظمته، وعزته، وعلمه، وجوده، وكرمه، وكبريائه، وعظمته، وسلطانه، متكلماً، عالماً، قوياً، عزيزاً، قديراً، ملكاً، ليست هذه الصفات ولا شيء منها ببائنة منه، ولا منفصلة عنه، ولا تجزؤ ولا تتبعض منه، ولكنها منه


(١) الضحى الآية (٧).
(٢) المائدة الآية (٨٣).
(٣) الأحزاب الآية (٢٥).
(٤) يس الآية (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>