للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (١) لم يرد أن القرآن يموت كما نموت، إنما يريد: ولئن شئنا لنذهبن بحفظه عن قلبك وتلاوته عن لسانك. أما سمعت ما وعد به من حفظه للقرآن حين يقول: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (٢) فلو أذهب الله القرآن من القلوب، لكان موجوداً محفوظاً عند من استحفظه إياه، ولئن ذهب القرآن في جميع الخلق وأمات الله كل قارئ له، فإن القرآن موجود محفوظ عند الله وفي علمه، وفي اللوح المحفوظ. أما سمعت قول الله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} (٣) وقوله عز وجل: {بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)} (٤) ومما احتج به الجهمي في خلق القرآن أن قال: أليس القرآن خيراً؟ فإذا قيل له بلى، قال: أفتقولون إن من الخير ما لم يخلقه الله؟ فيتوهم بجهله أن له في هذه حجة ولا حجة فيه لأجل أن كلام الله خير، وعلم الله خير، وقدرة الله خير، وليس كلام الله ولا قدرته مخلوقين لأن الله لم يزل متكلماً، فكيف يخلق كلامه؟ ولو كان الله خلق كلامه لخلق علمه وقدرته، فمن زعم ذلك، فقد زعم أن الله كان ولا يتكلم، وكان ولا يعلم، فقالت الجهمية على الله ما لم يعلمه الله ولا ملائكته ولا أنبياؤه ولا أولياؤه، فخالفهم كلهم.

قال الله عز وجل: {وَإِذْ


(١) الإسراء الآية (٨٦).
(٢) الأعلى الآية (٦).
(٣) الحجر الآية (٩).
(٤) البروج الآيتان (٢١و٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>