للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (١). وقال - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع وفي مقامات له شتى، وبحضرته عامة أصحابه رضوان الله عليهم: «ألا هل بلغت» (٢)، وكان ما أنزل الله وأمر بتبليغه هو كمال الدين وتمامه لقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (٣). فلم يترك - صلى الله عليه وسلم - شيئاً من أمور الدين، قواعده وأصوله وشرائعه وفصوله إلا بينه، وبلغه على كماله وتمامه، ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لا خلاف بين فرق الأمة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال.

ومعلوم أن أمر التوحيد وإثبات الصانع لا تبرح فيهما الحاجة راهنة أبدا في كل وقت وزمان، ولو أخر فيهما البيان لكان قد كلفهم ما لا سبيل لهم إليه.

وإذا كان الأمر على ما قلنا فقد علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدعهم في هذه الأمور إلى الاستدلال بالأعراض، وتعلقها بالجواهر، وانقلابها إذ لا يمكن أحداً من الناس أن يروي في ذلك عنه، ولا عن واحد من أصحابه من هذا النمط حرفاً واحداً فما فوقه، لا من طريق تواتر ولا آحاد علم أنهم قد ذهبوا خلاف مذاهب هؤلاء، وسلكوا غير طريقتهم. (٤)


(١) المائدة الآية (٦٧).
(٢) أخرجه: أحمد (٥/ ٣٧) والبخاري (١/ ٢٦٥/١٠٥) ومسلم (٣/ ١٣٠٥ - ١٣٠٦/ ١٦٧٩) من حديث أبي بكرة.
(٣) المائدة الآية (٣).
(٤) الحجة في بيان المحجة (١/ ٣٧١ - ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>