للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار، التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول: إن القول إنما وجب بإثبات الصفات، لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها، لأن الله ليس كمثله شيء، وعلى هذا جرى قول السلف في أحاديث الصفات. (١)

قلت: وعلى هذا جرى الخطابي في باب الأسماء والصفات، إلا أنه أحيانا ينحو منحى الخلف في التأويل لبعض الصفات، كصفة الأصبع والفرح والضحك والعجب.

- وفيها عنه قال: فهذا قولهم ورأيهم في عامة السلف وجمهور الأئمة وفقهاء الخلف، فلا تشتغل -رحمك الله- بكلامهم، ولا تغتر بكثرة مقالاتهم، فإنها سريعة التهافت، كثيرة التناقض، وما من كلام تسمعه لفرقة منهم إلا ولخصومهم عليه كلام يوازيه، أو يقاربه، فكل بكل معارض، وبعض ببعض مقابل، وإنما يكون تقدم الواحد منهم، وفلجه على خصمه بقدر حظه من البيان، وحذقه في صنعة الجدل والكلام، وأكثر ما يظهر به بعضهم على بعض إنما هو إلزام من طريق الجدل، على أصول مؤصلة لهم، ومناقضات على مقالات حفظوها عليهم، فهم يطالبونهم بعودها وطردها، فمن تقاعد عن شيء منها سموه من طريق الجدل منقطعاً، وجعلوه مبطلاً، وحكموا بالفلج لخصمه عليه، والجدل لا يبين به حق، ولا تقوم به حجة. وقد يكون الخصمان على مقالتين مختلفتين كلتاهما باطل ويكون الحق في ثالثة غيرهما،


(١) مجموع الفتاوى (٥/ ٥٨ - ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>