للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} (١) قال بعض أهل التأويل: يعني القرآن. قال: وإنما أراد أن المنادي هو القرآن ليس يعني أن الإيمان هو القرآن، يعنون أنهم سمعوا القرآن يدعو إلى الإيمان فآمنا، فالله هو الداعي إلى الإيمان بكلامه، وهو القرآن.

فالله الخالق وكلامه صفة له دعا الناس بكلامه إلى الإيمان؛ أي دعاهم إلى أن يؤمنوا بربهم. اهـ فهذا تأويل ما تقدم، لأن مذهب أهل العلم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. اهـ (٢)

ذكر اختلاف أقاويل الناس في الإيمان ما هو؟

فقالت طائفة من المرجئة: الإيمان فعل القلب دون اللسان. وقالت طائفة منهم: الإيمان فعل اللسان دون القلب، وهم أهل الغلو في الإرجاء. اهـ وقال جمهور أهل الإرجاء: الإيمان هو فعل القلب واللسان جميعا. اهـ وقالت الخوارج: الإيمان فعل الطاعات المفترضة كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح. اهـ وقال آخرون: الإيمان فعل القلب واللسان مع اجتناب الكبائر. اهـ وقال أهل الجماعة: الإيمان هو الطاعات كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح غير أن له أصلا وفرعا؛ فأصله المعرفة بالله والتصديق له وبه وبما جاء من عنده بالقلب واللسان، مع الخضوع له والحب له والخوف منه، والتعظيم له مع ترك التكبر والاستنكاف والمعاندة. فإذا أتى بهذا الأصل فقد دخل في الإيمان، ولزمه اسمه وأحكامه، ولا يكون مستكملا له حتى يأتي بفرعه وفرعه المفترض عليه أو الفرائض، واجتناب المحارم. وقد


(١) آل عمران الآية (١٩٣).
(٢) (١/ ٣٢٧ - ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>