- وفيه عنه: قال القاضي أبو بكر بن الطيب: قد اتفق جميع الباطنية، وكل مصنف لكتاب ورسالة منهم، في ترتيب الدعوة المضلة، على أن من سبيل الداعي إلى دينهم ورجسهم، المجانب لجميع أديان الرسل والشرائع أن يجيب الداعي إليه الناس بما يبين وما يظهر له من أحوالهم ومذاهبهم، وقالوا لكل داع لهم إلى ضلالتهم ما أنا حاك لألفاظهم وصيغة قولهم، بغير زيادة ولا نقصان، ليعلم بذلك كفرهم وعنادهم لسائر الرسل والملل، فقالوا للداعي: يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما: أن تجعل التشيع عنده دينك وشعارك، واجعل المدخل عليه من جهة ظلم السلف، وقتلهم الحسين، وسبيهم نساءه وذريته، والتبري من تيم وعدي، ومن بني أمية وبني العباس، وأن تكون قائلا بالتشبيه والتجسيم، والبدء، والتناسخ، والرجعة، والغلو، وأن عليا إله يعلم الغيب، مفوض إليه خلق العالم، وما أشبه ذلك من أعاجيب الشيعة وجهلهم، فإنهم أسرع إلى إجابتك بهذا الناموس، حتى تتمكن منهم مما تحتاج إليه أنت ومن بعدك، ممن تثق به من أصحابك، فترقيهم إلى حقائق الأشياء حالا فحالا، ولا تجعل كما جعل المسيح ناموسه في زور موسى القول بالتوراة وحفظ السبت، ثم عجل وخرج عن الحد، وكان له ما كان، يعني من قتلهم له، بعد تكذيبهم إياه، وردهم عليه، وتفرقهم عنه. فإذا آنست من بعض الشيعة عند الدعوة إجابة ورشدا، أوقفته على مثالب علي وولده، وعرفته حقيقة الحق لمن هو، وفيمن هو، وباطل بطلان كل ما عليه أهل ملة
(١) المنهاج (٢/ ٥٦ - ٥٧) وانظرها مطولة في ترتيب المدارك (٢/ ٢٠٩ - ٢١٣).