الباب السادس في الدرجة السادسة من حدود البلاغ، التي يصفها من بعد، وامتزج بالنور وبالظلام، فإنك تملكهم بذلك. وإذا آنست من بعضهم رشدا فاكشف له الغطاء. ومتى وقع إليك فيلسوف فقد علمت أن الفلاسفة هم العمدة لنا. وقد أجمعنا نحن وهم على إبطال نواميس الأنبياء، وعلى القول بقدم العالم، لولا ما يخالفنا بعضهم من أن للعالم مدبرا لا يعرفونه. فإن وقع الاتفاق منهم على أنه لا مدبر للعالم، فقد زالت الشبهة بيننا وبينهم.
وإذا وقع لك ثنوي منهم فبخ بخ، قد ظفرت يداك بمن يقل معه تعبك، والمدخل عليه بإبطال التوحيد، والقول بالسابق والتالي، ورتب له ذلك على ما هو مرسوم لك في أول درجة البلاغ وثانيه وثالثه. وسنصنف لك عنهم من بعد واتخذ غليظ العهود، وتوكيد الأيمان، وشدة المواثيق جنة لك وحصنا، ولا تهجم على مستجيبك بالأشياء الكبار التي يستبشعونها حتى ترقيهم إلى أعلى المراتب: حالا فحالا، وتدرجهم درجة درجة، على ما سنبينه من بعد، وقف بكل فريق حيث احتمالهم، فواحد لا تزيده على التشيع والائتمام بمحمد بن إسماعيل، وأنه حي، لا تجاوز به هذا الحد، لا سيما إن كان مثله ممن يكثر به وبموضع اسمه، وأظهر له العفاف عن الدرهم والدينار، وخفف عليه وطأتك مرة بصلاة السبعين، وحذره الكذب والزنا واللواط وشرب النبيذ، وعليك في أمره بالرفق والمداراة له والتودد، وتصبر له: إن كان هواه متبعا لك تحظ عنده، ويكون لك عونا على دهرك، وعلى من لعله يعاديك من أهل الملل، ولا تأمن أن يتغير عليك بعض أصحابك، ولا تخرجه عن عبادة إلهه، والتدين بشريعة محمد نبيه - صلى الله عليه وسلم - والقول بإمامة علي وبنيه إلى محمد بن إسماعيل، وأقم له