بالتقليد أليق، وبما انتحلوها من الحشو أخلق، إذ لا إسناد له في تمذهبه إلى شرع سابق، ولا استناد لما يزعمه إلى قول سلف الأمة باتفاق مخالف أو موافق.
إذ فخره على مخالفيه بحذقه، واستخراج مذاهبه بعقله وفكره من الدقائق، وأنه لم يسبقه إلى بدعته إلا منافق مارق، أو معاند للشريعة مشاقق. فليس بحقيق من هذه أصوله أن يعيب على من تقلد كتاب الله وسنة رسوله واقتدى بهما، وأذعن لهما، واستسلم لأحكامهما، ولم يعترض عليهما بظن أو تخرص واستحالة أن يطعن عليه، لأن بإجماع المسلمين أنه على طريق الحق أقوم وإلى سبل الرشاد أهدى وأعلم وبنور الاتباع أسعد ومن ظلمة الابتداع وتكلف الاختراع أبعد وأسلم من الذي لا يمكنه التمسك بكتاب الله إلا متأولا ولا الاعتصام بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا منكرا أو متعجبا ولا الانتساب إلى الصحابة والتابعين والسلف الصالحين إلا متمسخرا مستهزيا. لا شيء عنده إلا مضغ الباطل والتكذب على الله ورسوله والصالحين من عباده. وإنما دينه الضجاج والبقباق والصياح واللقلاق قد نبذ قناع الحياء وراءه وأدرع سربال السفه فاجتابه وكشف بالخلاعة رأسه وتحمل أوزاره وأوزار من أضله بغير علم ألا ساء ما يزرون، فهو كما قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا