خرجوا من بين الشرايين فقل ما يلقون أحدا إلا ألبوا أن يظهروا عليه، قال: وكان عبد الله بن وهب الراسبي قد قحلت مواضع السجود منه من شدة اجتهاده وكثرة السجود، وكان يقال له: ذو البينات. وروى الهيثم عن بعض الخوارج أنه قال: ما كان عبد الله بن وهب من بغضه عليا يسميه إلا الجاحد.
وقال الهيثم بن عدي: ثنا إسماعيل عن خالد عن علقمة بن عامر قال: سئل علي عن أهل النهروان أمشركون هم؟ فقال: من الشرك فروا، قيل أفمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا: فقيل فما هم يا أمير المؤمنين؟ قال: إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم علينا.
فهذا ما أورده ابن جرير وغيره في هذا المقام. (١)
- وجاء في الشريعة عن جندب قال: لما كان يوم قتل علي رضي الله عنه الخوارج نظرت إلى وجوههم وإلى شمائلهم، فشككت في قتالهم، فتنحيت عن العسكر غير بعيد، فنزلت عن دابتي، وركزت رمحي، ووضعت درعي تحتي، وعلقت برنسي مستترا به من الشمس، وأنا معتزل من العسكر ناحية، إذ طلع أمير المؤمنين -رضي الله عنه على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت في نفسي: ما لي وله؟ أنا أفر منه، وهو يجيء إلي، فقال لي: يا جندب؛ مالك في هذا المكان، تنحيت عن العسكر؟ فقلت: يا أمير المؤمنين؛ أصابني وعك، فشق علي الغبار، فلم أستطع الوقوف؛ قال فقال: أما بلغك ما للعبد في غبار العسكر من الأجر؟ ثم ثنى رحله، فنزل، فأخذت برأس دابته، وقعد فقعدت، فأخذت البرنس بيدي فسترته من الشمس، فقال: فوالله إني لقاعد إذ جاء
(١) البداية (٧/ ٢٩٥ - ٣٠٠)، وانظر تاريخ ابن جرير (٣/ ١١٣ وما بعدها).