للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أنه ليس في هذا تعارض ولا تناقض، لأن هذه الآية مقصورة على الشرك الذي أخبر أنه لا يغفره، وأنه يغفر ما دونه للظواهر التي تلونها، ونفرض الكلام في أن الإيمان الذي مع الفاسق، والطاعات لا يحبطه ما ركبه من الكبائر، وأنه يستحق عليه الجزاء بإخبار الله عن ذلك، والذي يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (١) ولا حسنة أعلى وأشرف من الإقرار بتوحيد الله، والإيمان به وبرسوله وشريعته وكتابه، ويدل عليه قوله تعالى: {إني لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} (٢) وقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (٣) وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} (٤) في نظائر ذلك، فدل على أن المؤمن يجازى بإيمانه وطاعته، ويثاب عليها من غير تخصيص لكون من وجد منه ذلك غير عاص بارتكاب الكبائر التي لا تخرجه عن الإيمان. (٥)

- وقال في تعليقه على ابن أبي زيد: [ولا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة]:

قال القاضي: وهذا كما قال، فالمذنبون من أهل الملة مؤمنون مذنبون، ولا يخرجون بذنوبهم من الإسلام ولا عن الإيمان، ولا تحبط ذنوبهم إيمانهم،


(١) هود الآية (١١٤).
(٢) آل عمران الآية (١٩٥)
(٣) الأنعام الآية (١٦٠).
(٤) الزلزلة الآية (٧).
(٥) شرح عقيدة الإمام مالك الصغير (ص.٧٧ - ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>