للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أعلم أهل موضعه بالدين الذي جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا دل عليه سأله، فإذا أفتاه قال له: هكذا قال الله عزوجل ورسوله؟ فإن قال له نعم أخذ بذلك وعمل به أبدا، وإن قال له هذا رأيي أو هذا قياس أو هذا قول فلان وذكر له صاحبا (١) أو تابعا أو فقيها قديما أو حديثا أو سكت أو انتهره أو قال له لا أدري، فلا يحل له أن يأخذ بقوله ولكنه يسأل غيره.

برهان ذلك قول الله عزوجل: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (٢) فلم يأمرنا عزوجل قط بطاعة بعض أولي الأمر، فمن قلد عالما أو جماعة علماء فلم يطع الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا أولي الأمر، وإذا لم يرد إلى من ذكرنا فقد خالف أمر الله عزوجل ولم يأمر الله عزوجل قط بطاعة بعض أولي الأمر دون بعض.

فإن قيل: فإن الله عزوجل قال: {فسألوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)} (٣) وقال تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} (٤). قلنا: نعم ولم يأمر الله عزوجل أن يقبل من النافر للتفقه في الدين رأيه، ولا أن يطاع أهل الذكر في رأيهم ولا في دين يشرعونه لم يأذن به الله عزوجل وإنما أمر تعالى أن يسأل أهل الذكر عما يعلمونه في الذكر الوارد من عند الله تعالى فقط لا


(١) هذا مذهب ابن حزم في رد قول الصحابي، والراجح أن قول الصحابي حجة ما لم يخالف. انظر إعلام الموقعين (٤/ ١١٨ فما بعدها).
(٢) النساء الآية (٥٩).
(٣) النحل الآية (٤٣).
(٤) التوبة الآية (١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>