للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يتوقف الحسن في أصل إيمانه في الحال، وإنما توقف في كماله الذي وعد الله -عز وجل- لأهله الجنة بقوله: {لهم دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)} (١).

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، أخبرنا بشر بن أحمد المهرجاني، حدثنا داود بن الحسين البيهقي، سمعت محمد بن مقاتل المروزي وسعيد بن يعقوب، قالا: حدثنا المؤمل بن إسماعيل قال: سمعت الثوري يقول: قد خالفنا المرجئة في ثلاث: نحن نقول: الإيمان قول وعمل، وهم يقولون: الإيمان قول بلا عمل.

ونحن نقول: يزيد وينقص، وهم يقولون: لا يزيد ولا ينقص.

ونحن نقول: أهل القبلة عندنا مؤمنون وأما عند الله فالله أعلم، وهم يقولون: نحن عند الله مؤمنون.

فسفيان الثوري رحمه الله أخبر عن أهل السنة أنهم لا يقطعون بكونهم مؤمنين عند الله يعني: في ثاني الحال، لأن الله تعالى يعلم الغيب، فهو عالم بما يَصير إليه حال العبد ثم يموت عليه، ونحن لا نعلمه فَنَكِل الأمر فيما لا نعلمه إلى عالمه خوفاً من سوء العاقبة، ونستثني على هذا المعنى، ونرجو من الله تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والأحاديث التي وردت في جريان القلم بما هو كائن، ورجوع كل إنسان إلى ما كتب له من الشقاوة والسعادة، وموته عليه، مانعة من قطع القول بما يكون في العاقبة،


(١) الأنفال الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>